للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قول المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-: [وفي ثبوت هذا الكلام عن الإمام أبي حنيفة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نظر، فإن أضداده قد شنعو عليه بأشياء أهون منه؛ فلو سمعوا مثل هذا الكلام لشاع عنهم تشنيعهم عليه به] في هذا نقدٌ لمن ينسب إِلَى الإمام أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ قوله بنفي الجهات، سواء كَانَ التعبير بنفي الجهات كما قال الطّّحاويّ: [لا تحويه الجهات الست] أو أنه قَالَ: لا داخل العالم ولا خارجه، فيقول -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن ذلك لا يصح عنه وفي نسبة ذلك إليه نظر.

لأن أضداد الإمام أبي حنيفة شنعوا عليه بأشياء أهون من هذا، ولو سمعوا عنه أو بلغهم عنه هذا لشنعوا عليه به؛ لأنه أشنع وأعظم وأخطر، فنجد مثلاً في كتاب السنة، للإمام عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل -رحم الله الجميع ورضي عنهم-كلاماً طويلاً عن الإمامأبي حنيفة، وأقوالاً كثيرةً جداً، منها الثابت، ومنها غير الثابت، ومنها ما أخذ عليه شيء في عقيدته.

وذكر ذلك أيضاً ابن حبان في كتاب المجروحين وغيرها من الكتب التي تعرضت له وجمعت ما له وما عليه، كما جمع الخطيب في تاريخ بغداد أشياء له وعليه، فلو بدر عن الإمام أبي حنيفة نفي العلو عَلَى أي تعبير جاء، لكان ذلك من أشنع ما ينسب إليه، كيف وقد نسب بعضهم إليه ما لم يقل؟

فلا يمكن ولا يصح أن الإمام أبا حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ أو أحداً من السلف أنكر العلو، بل أورد الشيخ وأورد يره ما يدل عَلَى أن الإمامأبا حنيفة يثبت العلو فذكر من ذلك: [وقد نقل أبو مطيع البلخي عنه إثبات العلو كما سيأتي ذكره - إن شاء الله تعالى-] في كتاب الفقه الأكبر.

فكان مما قَالَ: "من أنكر أن الله فوق العرش فقد كفر"، هكذا قال الإمام أبو حنيفة، من نفى أو من أنكر أن الله تَعَالَى فوق العرش فقد كفر، لأن الله يقول: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:٥] .

<<  <   >  >>