للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأخلاق العرب مقطوعة عن الإيمان والإخلاص لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا يترتب عليها فلاح في الدنيا، ولا نجاة يَوْمَ القِيَامَةِ من عذاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وإنما غاية ما فيها أن يُقال عن الإِنسَان: إنه حسن الأخلاق، وجزاؤه يأخذه في الدنيا مقدماً كما جَاءَ في حديث الثلاثة الذين قاتل أحدهم ليقال له شجاع، قيل له: إنما قاتلت ليُقال لكَ شجاع، فقد قيل أي: أخذت الجزاء. والآخر المنفق يُقال له: إنما أنفقت ليقال لك جواد وقد قيل، ما الذي تطمع فيه بالآخرة كيف ترجو الآخرة.

وكذلك القارئ ليُقَالَ: قارئ وقد قيل، إذاً ما دام أنه قد قيل انتهى؛ لأن هذا هو المراد.

فمهما قلنا عن هَؤُلاءِ الناس، فإنما ينالون جزاءهم في الحياة الدنيا والله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لما بعث الأَنْبِيَاء بعث أكمل النَّاس عقولاً, فإنه جعلهم هم الأَنْبِيَاء وآتاهم الحكمة، وأعظم الحكمة هي توحيد الله وطاعة الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هذه هي الحكمة الحقيقية ولذلك في سورة الإسراء بعد أن ذكر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الوصايا التي تزيد عَلَى ثمانية عشر وصية قال في آخرها ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَة [الإسراء:٣٩] الحكمة تعني: أن ترك الشرك، والتوحيد، وبر الوالدين والإنفاق المعتدل -لا إسراف ولا تقتير- من الحكمة، والوفاء بالكيل والوزن، وترك الفواحش من الحكمة، كل ما ذكره الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في تلك الآيات هي الحكمة الحقيقية، والتي من عمل بها بلغ غاية الحكمة فنجد أن ما يقوله الفلاسفة ويتكلمون به من المثاليات الجوفاء.

<<  <   >  >>