للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلفوا حتى في الأمر البين الواضح الجليإِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة [البقرة:٦٧] أمرٌ إلهي واضح صريح، فلو أخذوا أي بقرة وذبحوها لأجزأ، ولكنه الاختلاف والتنطع والتشدد ومحبة العناد والإخلاد إِلَى الدنيا والتحايل عَلَى أمر الله تعالى، والله لم يشدد عليهم أول الأمر فلما شددوا عَلَى أنفسهم شدد الله عليهم، ومثله حديث الرجل الذي في الصحيح لما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (حجوا فإن الله قد كتب عليكم الحج والعمرة فقام رجل فقَالَ: يا رَسُول الله أفي كل عام؟ قَالَ: لو قلت: نعم لوجبت) ثُمَّ ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حال الأمم قبلنا وأنهم إنما هلكوا بكثرة سؤالهم واختلافهم عَلَى أنبيائهم، فالإِنسَان يقف عند حدود ما أنزل الله تَعَالَى ولا يجادل ولا يماري ولا يقف ما ليس له به علم فقَالَ: (باختلافهم عَلَى أنبيائهم) هذا أولاً.

أهل الكتاب يضربون كتاب الله بعضه بعض

وقوله: [وضربهم الكتب بعضها ببعض] أي: يأتون إِلَى ما أنزل الله عليهم فيضربون بعضه ببعض، وهكذا كَانَ حال الأحبار والرهبان الذين كانوا يفسرون التوراة والإنجيل، فكانوا يضربون بعضها ببعض، فتفرقت النَّصَارَىواليهود إِلَى ما هم عليه اليوم شيعاً وطرقاً؛ حتى أنهم كتبوا أناجيل من عند أنفسهم، وكذلك أسفاراً للتوراة، فضاعت التوراة الحقيقية وضاع الإنجيل الحقيقي، ولما بعث مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بالوحي المبين ودعاهم إِلَى الدين وإلى الشريعة الناسخة، وكانت كتبهم الماضية قد حرفت جميعاً وتعرضت للتغيير والتبديل، حتى لم يبق منها نسخة يعتمد عليها في الصحة بسبب هذا الاختلاف والشتات والتفرق، وبعض الأناجيل كتبت عمداً لتثبت قضية من القضايا.

<<  <   >  >>