فكيف بمن يخوض في معاني أسماء الله وصفاته؟! وفي القدر وفي أمر أعظم من هذا الأب وأمثاله، ويقولون: هذا هو الحق، وهذا هو الذي جَاءَ به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! ويقول تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:٣٦] وكثير من النَّاس ينسى هذه الآية فيقف ما ليس له به علم، والله تَعَالَى لما نهانا عن ذلك ختم الآية بالمسؤولية عن هذه الأعضاء التي هي منافذ العلم والإحساس، فلا تسمع ولا تبصر ولا تفكر إلا فيما أراد الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وفيما رضي وشرع، وأما فيما سوى ذلك فرد الأمر إِلَى عالمه؛ هو الطريق الأسلم والأجدى.
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
العلم البشري محدود، لذا جَاءَ في آخر سورة الإسراء: وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً [الإسراء:٨٥] فهل يستطيع علماء التشريح والطب والنفس وما إِلَى ذلك أن يجيبوا ما هي الروح؟ فضلاً عن النَّاس في القرون الماضية؟ لم ولن يستطيعوا أبداقُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً [الإسراء:٨٥] وفي قصة الخضر وموسى عليهما السلام المعروفة بعد أن انتهيا وبين له الخضر لماذا فعل هذه الأمور؛ جَاءَ طائر فنقر في البحر بمنقاره فأخذ قطرة من الماء، فَقَالَ الخضر لموسى أرأيت ذلك الطائر ما عندي وعندك من العلم في جانب علم الله إلا مثلما أخذ ذلك الطائر من ذلك البحر.