هذا وهو الخضر الذي قال الله عنه وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [الكهف: ٦٥] وهو الذي أعلمه الله وأطلعه أنّ خرق هذه السفينة أولى وأجدى لأصحابها وأن هذا الغلام لو كبر سيكون كذا وكذا فليقتل وأن تحت هذا الجدار كنز، وأنه لغلامين يتيمين وأنهما سيكبران ثُمَّ يأخذانه، أمور غيبية عجيبة لا يستطيع الإِنسَان أن يعرفها ولا يصل إليها عَلَى الإطلاق، وكل ما عنده من العلم مما أعطاه الله من علمه لا يتجاوز ما أخذ ذلك الطائر الصغير من هذا البحر العظيم الكبير، حتى تقف العقول البشرية أمام القُرْآن والسنة ذليلة عاجزة خاضعة، ويستسلم الإِنسَان بقلبه وعقله وجوارحه لربه تَعَالَى.
الموقف الشرعي من أقوال الرجال
فكل ما جاءه عن الله ورسوله فليقابله بالتسليم والانقياد والإذعان، وهذا هو منهج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه الكرام الذين هم أعلم وأذكى وأفهم الناس، فيجب أن يكون حال من بعدهم هو أكثر انقياداً وإذعاناً للنصوص.
قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:[فعلى العبد أن يجعل ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه هو الحق الذي يجب اتباعه فيصدق بأنه حق وصدق وما سواه من كلام سائر النَّاس يعرضه عليه] .
يقول: إذا جاءك الكلام من النَّاس الآخرين، ابتداءً من صحابة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم أفضل النَّاس ثُمَّ العلماء ثُمَّ من بعدهم إِلَى أن نصل إِلَى أهل البدع والضلال، كل من جاءنا بقول نعرضه عَلَى كتاب الله وسنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن وافقه فهو حق، وإن خالفه فهو باطل مردود لا يؤخذ به.