للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أنهم يقولون: إن الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يبلغ، وفي هذا إفك وافتراء وبهتان عَلَى الله ورسوله، فإن قالوا: بلغ ولا يلزمنا طاعته فهي مصيبة أعظم، وإن قالوا: لم يبلغ فهي أيضاً مصيبة أخرى، ولا فكَاكَ منهما، والسبب هو: أن الانتساب إِلَى الإسلام أصبح عند كثير من النَّاس إنما هو بالاسم ولا حقيقة وراء ذلك.

فكما قال الإمام الطّّحاويّ: [ولا تثبت قدم الإسلام، إلا عَلَى ظهر التسليم والإستسلام] فمن لم يكن كذلك فإن إيمانه غير ثابت بل مزعزع أو مفقود، حتى يكون الإِنسَان منا إذا بلغه عن رَسُول الله شيء فكأنما يخاطبه رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخاطبه ويناديه بالاسم ويقول له: يا فلان دع الربا، ويا فلان دع الزنى، ويا فلان أرجم الزاني والزانية ويا فلان حرم كذا أو أحل كذا، هكذا يجب أن يكون حالنا؛ لأن غياب شخصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنا لا يعني انقطاع الدين، فإن سنته قائمة ودينه وبلاغه قائم إِلَى أن تقوم الساعة.

من أعظم أمور العقيدة، ومن أعظم الأصول التي يجب عَلَى كل مسلم أن يدركها وأن يعيها بقدر ما يفتح الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عليه، وهي أن الإِنسَان كليل العقل، محدود الإدراك، لا يستطيع أن يعلم كل شيء، ولا أن يحيط بكل ما جَاءَ في الكتاب أو السنة من أمور الغيب، وأن هذا الدين مبناه عَلَى الاستسلام لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والإذعان والانقياد للرَسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعدم الاعتراض عليه بالعقول، أو الأهواء أو الآراء والأقيسة، أو الأذواق، أو المواجيد، أو الكشوف، أو بأي نوع من أنواع الاعتراض.

وقد ذكر المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ-: توحيدين لا نجاة للعبد إلا بها:

الأول: توحيد المرسل: أي توحيد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بعبادته وطاعته.

<<  <   >  >>