للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقولون: إن عيسى لا يدخل النار؛ إذاً آلهتنا لا تدخل النار، فهذا من الجدل بغير الحق، ومعروف أن عيسى -عَلَيْهِ السَّلام- لم يعبد وهو راض بالعبادة، بل دعاهم إِلَى عبادة الله وحدة لا شريك له حتى مات، ويَوْمَ القِيَامَةِ يقول عنه الله: وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ [المائدة:١١٦-١١٧] أي: وهو حي -عَلَيْهِ السَّلام- (َلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِم [المائدة:١١٧] إِلَى آخر الآيات، فكان وهو حي يتبرأ من شركهم ومن عبادتهم في حياته، لأنه دعاهم إِلَى عبادة الله وحده، أما معبودات الْمُشْرِكِينَ وكل من عبد من دون الله وهو راضٍ بالعبادة، فإنه يحشر معهم، كما هو حال فرعون ومن معه الذين يجعلهم الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أئمة يدعون إِلَى النار، والعياذ بالله.

كما قال تعالى: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ [هود:٩٨] ، لأنهم كانوا يعبدونه، وكان يدعوهم إِلَى عبادة نفسه، وكان راضياً بذلك، ويقول: إنه ربهم الأعلى، وأن له ملك مصر، والأنهار التي تجري من كذا وكذا، فيَوْمَ القِيَامَةِ يقدم قومه فيوردهم النَّار وبئس الورد المورود عافانا الله وإياكم من ذلك.

فهذا هو المقصود بهذه الآية: مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً أنه عيسى عَلَيْهِ السَّلام.

<<  <   >  >>