وفي حديث عَائِِِشَةَ -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْها- قالت: قال رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن أبغض الرجال إِلَى الله الألد الخصم) فيه أن النَّاس نوعان: نوع كريم متسامح خلوق، وهذا ينطبق عليه وصف هذا الرجل الذي يأتي يَوْمَ القِيَامَةِ بين يدي الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وكان تاجراً يتعامل مع الناس، فكان كل ما بقي بينه وبين أحد من النَّاس -كما يقال- قليل من الحساب: تجاوز عنه راضياً بالأمر الذي قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو: (سمحاً إذا اشترى سمحاً إذا باع) فالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يقول له:(قد تجاوزنَّ عنك بما كنت تتجاوز عن النَّاس) أو كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والجزاء من جنس العمل، وهذا التجاوز: لا يعني الضعف والخور والجبن، عن الموقف الحق، لكنها الرقة والرفق والحكمة مع قول الحق كاملاً.
أما النوع الآخر: فهو الألد الخصم المعاند فتحتاج حتى تقنعه أن تبذل الجهد الجهيد في أمر بسيط، وتخاف إن قلت له كلمة أن يماطلك ويجادلك ويتهمك، ويذكرك بأخطاء سابقة، فهذا لا تحب أن تجالسه ولا تعرض عليه أي قضية، فإذا كَانَ هذا هو حاله في التعامل في أمور الدنيا، فكيف بالتعامل مع الله، وبالوقوف في مواقف الخصومة والعناد من الشرع؟!