للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كما قال -عَزَّ وَجَلَّ-:وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ [البقرة:٢٠٤] أي: إذا تكلم وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وإن قَالَ: الله يعلم أني لم أقصد إلا الحق والخير وكذا وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ هذا هو الذي نهى عنه الله ورسوله، لأن هذا الدين حنيفية سمحة، وعلى الإِنسَان أن يأخذه بالإيمان والتسليم والإذعان، وباليسر، وعلينا أن نجتنب التكلف والتشدد، حتى في طريقة أخذنا لهذا الدين، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أيها الناس! حجوا إن الله قد كتب عليكم الحج، فَقَالَ رجل: أفي كل عام يارَسُول الله؟ فَقَالَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو قلت نعم لو جبت، إنما هلك من كَانَ قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم عَلَى أنبيائهم) .

قَالَ المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-:

[ولا شك أن من لم يسلم للرَسُول نقص توحيده، فإنه يقول برأيه وهواه، أو يقلد ذا رأي وهوى بغير هدى من الله، فينقص من توحيده بقدر خروجه عما جَاءَ به الرسول، فإنه قد اتخذه في ذلك إلهاً غير الله، قال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الجاثية: ٢٣] أي: عبد ما تهواه نفسه، وإنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فرق، كما قَالَ: عبد الله بن المبارك -رحمة الله عليه:

رأيت الذنوب تميتُ القلوب وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها

وهل أفسد الدين إلا الملوك وأحبارُ سوءٍ ورهبانها

] اهـ.

الشرح:

يقول الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ: [فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه حجبه مرامه عن خالص التوحيد] يشرح المُصنِّفُ هذه العبارة ويبين كيف يؤثر هذا العمل في توحيد صاحبه.

<<  <   >  >>