فَيَقُولُ:[ولا شك أن من لم يسلم للرَسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نقص توحيده فإنه يقول: برأيه وهواه، ويقلد ذا رأي وهوى] فلو فرضنا أن هناك أمراً من أمور الغيب، فالإِنسَان إما أن يتبع فيه الرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيتحقق توحيد المتابعة، وإما أن يعارض كلامه بهوى ورأي، أو يكون المعرض تابعاً لقول أو هوى إنسان آخر، وعليه فمن عارض خبر النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأي نوع من أنواع المعارضة فإنه ينقص من توحيده، وبقدر خروجه عما جَاءَ به الرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فهو في هذه الحالة قد اتخذ من أطاع واتبع إلهاً، وهذا هو معنى قوله تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه فهو الذي لا يعمل ولا يقدم ولا يؤخر، ولا يستسلم إلا لما يأمر به الهوى، وداعي الشهوة، ثُمَّ يقول:[إنما دخل الفساد في العالم من ثلاث فرق ... ] .
أتى بهذا الكلام من خلال أبيات الإمام المجاهد الثقة الحجةعبد الله بن المبارك -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ- وهو من هو في فضله وعبادته وجهاده!! وهو من أئمة الإسلام العظام، ويكفيه إمامةً وفضلاً أن يكون الإمام أَحْمَد -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- يعظمه ويجله، ويثني عليه، ويستشهد بأقواله ويذكرها، ويذكر الإمام أَحْمَد أقواله معجباً بها ومثنياً عليها.
ومن عظمة شعر السلف الصالح، أنه أبيات معدودة، وكلمات محدودة، لكن ورائها المعاني والعبر والعظات يقول:
رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها
وهذا البيت تحقيق لما جَاءَ في الآيات، وفي الأحاديث كقوله تعالى: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:١٤] الآية.
وقول النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إن العبد إذا أذنب ذنباً نكت في قلبه نكتة سوداء) .