والقول السادس الذي يميل إليه صاحب المعتبر -وهو ابن ملكا - وكذلك الرازي، والرازي من أئمة الأشعرية وابن ملكا فيلسوف متحرر ليس بأشعري محض ولا بسلفي محض، وهو يندمج ضمن الأشعرية في الواقع وإن كان كل من الرجلين - أي ابن ملكا صاحب المعتبر والرازي - لم يؤسس مذهباً جديداً مستقلاً.
وكذلك القول السابع الذي هو قول الماتريدية، فهم في أكثر مذاهبهم المتأخرة مالوا إلى مذهب الأشعرية.
وأما القول الثامن فهو قول أبي المعالي الجويني أيضاً، وهو من أئمة الأشعرية.
فكأن المصنف -رحمه الله تعالى- فصَل الأقوال أو الخلاف الذي بين أئمة الأشعرية كـ الرازي وأبي المعالي وغيرهما وجعلها مذاهب وأقوال مستقلة، ولكن الذي استقرت عليه الآراء والذي عليه مدار الخلاف قديماً وحديثاً وعليه المعركة إلى اليوم في هذه المسألة هي ثلاثة أقوال كما سبق.
أصل جميع الضلالات
قبل أن نبدأ في شرح الأقوال ينبغي لنا أن نعرف قضية مهمة -وقد سبقت معنا في أول الكتاب ونعيدها الآن- وهي أصل جميع الضلالات، أو المنبع الذي نبعت منه هذه الضلالات جميعاً في باب الأسماء والصفات.
وهذا الأصل هو: أن المتكلمين وأولهم المعتزلة أرادوا أن يستدلوا عَلَى وجود الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وجعلوا قضية وجود الله هي القضية المتنازع فيها مع أنها لم تكن عَلَى الإطلاق في القُرْآن محل النزاع والخلاف بين الأَنْبِيَاء وأممهم، وإنما النزاع في قضية الألوهية هل هي لله وحده؟ أم له مع غيره؟ أم لغيره من دونه؟
فأرادوا أن يستدلوا عَلَى وجود الله بالطريقة الفلسفية اليونانية وفي هذه المسألة كَانَ علماء اليونان وعلماء الإغريق ومن اتبعهم من الصابئة وعلماء المجوس وأمثالهم عَلَى رأيين: