للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرأي الأول: أن هذا العالم قديم، بمعنى: أن هذا العالم وهذا الكون أزلي لا أول لوجوده، أي جَاءَ بنفسه هكذا يقولون: إنه خلق من غير شيء وهَؤُلاءِ من الفلاسفة الذين ينكرون وجود الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

وقد رد عليهم فلاسفة اليونان وعلماء الأغريق والصابئة وآخرون منهم فَقَالُوا: إن لهذا العالم خالقاً سموه واجب الوجود، أو ما أشبه ذلك.

وواجب الوجود موجود، وهذا العالم حادث، فواجب الوجود قديم لا أول لوجوده، وأما الكون والعالم، فهو حادث لوجوده أول، وأغلبهم يميل إِلَى أنه نشأ عنه كما تنشأ العلة عن المعلول، أي: أن النسبة بينهما مثل نسبة السبب إِلَى المسبب أو العلة إِلَى المعلول، أي: ليس له إرادة وليس له صفات أوجدت هكذا.

هذا هو مذهب الأكثرين من هَؤُلاءِ الفلاسفة الذين يثبتون وجود الله؛ لكنهم يريدون أن يثبتوا وجود الله، فأثبتوه علة تامة اقتضت معلولها وهو الكون، ولما أرادوا أن يبطلوا قول القائلين بأن العالم قديم وأزلي، قالوا لهم: الدليل عَلَى أن العالم حادث بعد أن لم يكن هو: أن الأعراض تلحق بهذا العالم، فالشمس تطلع وتغيب كما هو مشاهد، وتكون الصحة والمرض، وتكون الألوان والطعوم والروائح والأشياء المختلفة، فالتغير والأعراض التي تطرأ شيئاً بعد شيء عَلَى المخلوقات -كما يقول هَؤُلاءِ- دليل عَلَى أنها حادثة، وعلى أنها ليست قديمة؛ لأن القديم الموجود وجوداً أزلياً لا يمكن أن يلحق، وأن يطرأ عليه التغيير، هكذا قالت الفلاسفة.

<<  <   >  >>