للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهذا القول قول الصابئة والفلاسفة قول كفري يخرج من الملة لم يقل به إلا الخارجون عن الملة، وما وقع في كلام أبي حامد فهو من آثار ذلك مع أنه مؤمن مسلم، ويدافع عن الإسلام ولا يخرجه ذلك من الملة، ونريد التنبيه عَلَى هذا، وهذا قد يقوله من هو مسلم وإن كَانَ هذا القول في الأصل قولاً كفرياً لا يقول به أي مسلم فمن قال بالقول الأول فهو خارج من الملة ولا خلاف في ذلك أي أن المعتزلة والأشعرية والماتريدية وغيرهم يوافقوننا عَلَى أن من أثبت الكلام بهذه الصفة، ومن قَالَ: إنه هو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مجرد علة تامة، أو أنه هو الذي خلق العقل الكلي، والعقل الكلي خلق سائر الكون، إِلَى غير ذلك، فإن هذا كافر وخارج عن الإسلام، وبعضهم ينتسب إِلَى الإسلام مثل ابن سينا، ولكن ابن سينا كان يظهر أنه شيعي رافضي، وهو في حقيقته فيلسوف لا يؤمن بأي دين من الأديان، ولو كَانَ فعلاً شيعياً فهو أيضاً حكمه كحكم الشيعة، هذا هو قول أُولَئِكَ القوم في مسألة كلام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

قول المعتزلة

وتقول المعتزلة: إن كلام الله مخلوق، خلقه الله منفصلاً عنه، وهذا هو القول الذي يجمع طوائفالمعتزلة عَلَى اختلافهم، وقد سبق أن ذكرنا السبب الذي أوقع المعتزلة في هذا الخوض.

ولما نشأ الخلاف بين المعتزلة وبين أهل السنة في هذه المسألة كما مرَّ معنا، وكانت الفتنة للإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللَّهُ ومن معه من علماء السنة، خرج القول الثالث، ولهذا يذكر العلماء من القواعد الأصولية: إذا اختلفت الأمة عَلَى قولين واستقر الخلاف بينهم عَلَى أحدهما، فالقول الثالث -الذي يحدث بعد ذلك- قول محدث مبتدع والقول الثالث -وسيأتي- كَانَ منبعه من هذه القضية.

<<  <   >  >>