يقول شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ "إن الأشعرية في هذا الباب قد وافقوا الْمُشْرِكِينَ في نصف قولهم" فانظر كيف كانت عبارته دقيقة لم يقل: إنهم مثل الْمُشْرِكِينَ الذين يقولون: إن القُرْآن كلام بشر؛ بل يقول: إنهم وافقوا الْمُشْرِكِينَ في نصف قولهم، فالمعاني من الله، وأما الألفاظ فهي من كلام البشر من جبريل أو مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعجباً لابن كُلاب يستدل بيت لشاعر نصراني في صفات الله، وأعجبُ مِنْ ذلك أنَّ البيتَ محرفٌ.
وذلك أن الأخطل لم يَقُل إن الكلام لفي الفؤاد، وإنما قال إن البيان لفي الفؤاد، فالرواية المشهورة في نقل الرواة الثقاة عن الأخطل أنه قال:
والأخطل شاعر نصراني لا نأخذ بكلامه في مسألة من أمر ديننا، أنزلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وأوضحها في كتابه، وبينها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بياناً شافياً، واعتقدها الصحابة والتابعون ومن بعدهم، فلم يحوجنا الله عَزَّ وَجَلَّ في معرفة الحق إِلَى أن نلجأ إِلَى شاعر نصراني، ويجب أن نعلم أن من عقيدة النَّصَارَىالاعتقاد بأن كلام الله مخلوق، لا يُستغرب ذلك منهم؛ لأنهم يُؤلهون عيسى عَلَيْهِ السَّلام، ومنهم من يقول: مع أنه الكلمة فإنه مخلوق، ويفهمون كلمة عَلَى أنها صفة، فهذا لا يستغرب من النَّصَارَى، ولكن لم يحوجنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في مسألة العقيدة والدين إِلَى كلام أهل اللغة عامة، فضلاً عن كلام شاعر أو نصراني أو غير نصراني.
فالحق إذاً أن نأخذ ديننا من الكتاب والسنة، وما كَانَ عليه السلف الصالح لا ما يقوله هَؤُلاءِ وأمثالهم.