للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا ينطبق عَلَى ما وضع من قواعد علم الكلام، والبدع العملية والفرعية، بل كل بدعة ابتدعت فهي داخلة فيما أحدث بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والافتراق لم يقع في عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يكن هناك معتزلة أومرجئة.

لكن كيف تفرقت الأمة؟ وكيف ظهرت هذه البدع؟

ورد الحديث بذكر ذلك، وإن كَانَ بعضهم يطعن فيه، لأنه ليس في الصحيحين، وإنما ورد في المسند، وعند ابن أبي عاصم، وفي السنن في روايات كثيرة: (إن هذه الأمة تفترق عَلَى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النَّار إلا واحدة) وبعضها تذكر (إن اليهود افترقت عَلَى إحدى وسبعين فرقة والنَّصَارَى افترقت عَلَى اثنين وسبعين فرقة، وهذه الأمة تفترق عَلَى ثلاث وسبعين فرقة) وبعضها لا يذكر زيادة (كلها في النَّار إلا واحدة) وبعض الروايات تذكر صفات الفرقة الناجية وأنها (ما أنا عليه اليوم وأصحابي) .

الشاهد أن مجموع الروايات تدل عَلَى صحة الحديث، حتى إن بعضهم عده من الأحاديث المتواترة مع أنه ليس في أحد الصحيحين، لكن الافتراق في ذاته ثابت وواضح من أدلة قطعية غير هذه الألفاظ، وغير هذه الروايات التي وردت في الحديث.

من أسباب الاختلاف نسيان الحظ

ونحن نعلم جميعاً أن اليهود والنَّصَارَى افترقوا إِلَى حد الاقتتال، وأنهم كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَر [البقرة:٢٥٣] فهم اختلفوا وتفرقوا بغياً بينهم فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء [المائدة:١٤] .

وأخبرنا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن اليهود والنَّصَارَى اختلفوا، وأخبرنا في هذه الآية من سورة المائدة أن سبب اختلاف النَّصَارَى أنهم نسوا حظاً مما ذكروا به.

<<  <   >  >>