ولو أخذنا هذه الآية فإنها تفسر لنا كثيراً جداً جداً من أسباب وقوع الخلاف بين الْمُسْلِمِينَ، كيف أنهم لما نسوا حظاً مما ذكروا به وقعت العداوة والبغضاء بينهم.
ونطبق هذه الجملة القرآنية عَلَى هذه الأمة، ونعرف أن هذه الأمة افترقت، بسبب "نسيان الحظ" وذلك بآيات وأحاديث الوعيد مثلاً:
ذكر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى الوعيد فيمن قتل وزنى وسرق: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً [الفرقان:٦٨-٦٩] وجاء أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ... إلخ) ، وجاء في الحديث الآخر:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .
وهكذا نصوصٌ كثيرة في مقام الوعيد، فجاءت الخوارج فأخذت حظاً مما ذكروا به، حيث أخذوا بأحاديث الوعيد فقط، وَقَالُوا: إذاً من ارتكب كبيرة فهو كافر خارج من الملة، وتركوا الأحاديث والآيات التي تفسرها وأخذوا حظاً مما ذكروا به وتركوا الحظ الآخر، مع أنهم لو أخذوا هذا وهذا لفهموا ما أخبر به النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديث الصحيح:(لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة) ، فقد فُسِّر ذلك بأنه ما كَانَ من قتال في عهدعَلِيّ ومعاوية، وشهد لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإيمان والإسلام مع وقوع القتال، وفي آية الحجرات يقول تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [الحجرات:٩] فالقتال يقع بين المؤمنين ولا يخرجهم من الملة، نعم هو كبيرة وعليها وعيد شديد، ولكن لا يخرج من الملة.