للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنزال المطر مقيد بأنه منزل من السماء قال تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً [لرعد:١٧] والسماء العلو، وقد جاء في مكان آخر: أنه منزل من المزن، والمزن: السحاب، وفي مكان آخر: أنه منزل من المعصرات، وإنزال الحديد والأنعام مطلق، فكيف يشتبه هذا الإنزال بهذا الإنزال وهذا الإنزال بهذا الإنزال؟!

فالحديد إنما يكون من المعادن التي في الجبال، وهي عالية على الأرض وقد قيل إنه كلما كان معدنه أعلى كان حديده أجود، والأنعام تخلق بالتوالد المستلزم إنزال الذكور الماء من أصلابها إلى أرحام الإناث، ولهذا يُقال: أنزل ولم ينزل، ثم الأجنة تنزل من بطون الأمهات إلى وجه الأرض، ومن المعلوم أن الأنعام تعلو فحولها إناثها عند الوطء، وينزل ماء الفحل من علو إلى رحم الأنثى، وتلقي ولدها عند الولادة من علو إلى أسفل وعلى هذا فيحتمل قوله: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ [الزمر:٦] وجهين:

أحدهما: أن تكون (من) لبيان الجنس.

الثاني: أن تكون (من) لابتداء الغاية، وهذان الوجهان يحتملان في قوله: جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً [الشورى:١١] اهـ.

الشرح:-

يقول المصنف -رحمه الله- في قوله: [بلا كيفية] أي: لا تعرف كيفية تكلمه به، وهذه قاعدة عامة معروفة لدينا جميعاً في أية صفة من صفات الله -عز وجل- أن الكيفية غير معقولة، أو مجهولة كما قال ذلك، الإمام مالك وربيعة بن عبد الرحمن رحمهم الله: "الكيف مجهول" فنؤمن بالصفة أياً كانت هذه الصفة وأما الكيف فإنا لا نتخيله ولا نتصوره لأنه غير معقول.

<<  <   >  >>