فالعقل البشري لا يدرك ذات الله تبارك وتعالى، والصفات إنما هي فرع عن الذات وكما أننا لا نستطيع إدراك الذات فكذلك الصفات وهذا معنى مقرر ومعروف أخذه المصنف من كلمة "قولاً" وقد فسرها المصنف بقوله: ليس بالمجاز أي "قولاً تكلم الله تعالى به" فليس مجازاً ولا حكاية ولا عبارة،، وقوله:[وأنزله على رسوله وحياً] ، أي: جبريل عليه السلام من الله تبارك وتعالى، وسمعه محمد صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام، فهذا معنى قوله رحمه الله.
ولهذا قال الله تبارك وتعالى: وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً [الإسراء:١٠٦] قال: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ [الشعراء:١٩٣-١٩٤] وقال تعالى: فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [القيامة:١٨] كما صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يعجل في متابعة جبريل عليه السلام في القرآن لكي لا ينساه) فتكفل الله تبارك وتعالى له بحفظه وأمره بأن يتأمل وأن يتابع القارئ الذي هو جبريل عليه السلام، إذا قرأه عليه، أما حفظه فقد تكفل الله سبحانه وتعالى له به كما قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:٩] .
ترد علينا مسألة إنزال القرآن، ونحن نعلم ما يعلمه جميع الْمُسْلِمِينَ منالسلف الصالح، ومن بعدهم أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فوق العرش كما أخبر أنه فوق المخلوقات، وأن جبريل عَلَيْهِ السَّلام كَانَ يسمع القُرْآن من الله -عَزَّ وَجَلَّ- ثُمَّ ينزل به إِلَى مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذه الأرض، أينما كَانَ رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكننا نجد اشتراكاً في الأصول البدعية، وهو إنكار علو الله -عَزَّ وَجَلَّ- ولديهم أصل آخر وهو: إنكار أن يكون القُرْآن كلام الله عَزَّ وَجَلَّ.