للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قول المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: [وعلى هذا فيحتمل قوله: وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ [الزمر: ٦] وجهين:

أحدهما: أن تكون "من" لبيان الجنس.

والثاني: أن تكون "من" لابتداء الغاية] .

وقال أيضاً: [وهذان الوجهان يحتملان في قوله: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً [النحل:٧٢] هذا كلام في تفسير هذه الآية، وعلى كلا التوجيهين فالمعنى واضح ولا إشكال فيه؛ فإذا كانت "من" لبيان الجنس كما في قوله تعالى: وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ [الزمر:٦] فتختلف عن كونها لابتداء الغاية في المعنى؛ لأن "من" لبيان الجنس، أي: جنس المنزَّل وهي الأنعام يكون الكلام كأنه قَالَ: وأنزل لكم الأنعام، لكنه بيَّن بعد ذلك فقَالَ: وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ [الزمر:٦] فهذه لبيان الجنس، وإن كَانَ لابتداء الغاية فمعنى ذلك أن الثمانية الأزواج مبتدئة من الأنعام.

فمعاني الحروف من حيث الجملة هي من الأمور الدقيقة، ولكن كلا الوجهين محتملين والمعنى واضح عَلَى كلا الوجهين، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الذي أنزل هذه الأنعام، وهذه الأنعام منها هذه الأزواج الثمانية فهي أيضاً من الأنعام أي: تبتدأ منها، و"من" تأتي لبيان الجنس، وتأتي لابتداء الغاية وتأتي للتبعيض، وتأتي زائدة إِلَى غير ذلك من المعاني المعروفة في اللغة، وفي علم التفسير.

وهذه الآية يجوز فيها الوجهان وعلى كلا الوجهين: معنى العلو هو كما سبق لا ينتقض ولله الحمد وهذا هو الذي يهمنا هنا.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[وقوله: [وصدقه المؤمنون على ذلك حقاً] ، الإشارة إلى ما ذكره من التكلم به على الوجه المذكور وإنزاله، أي: هذا قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهم السلف الصالح، وأن هذا حق وصدق.

<<  <   >  >>