للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو تأملنا لوجدنا أن الحديد من أساس ما يعتمد عليه الإِنسَان في حياته للحرث في الزراعة، وأما في العصر الصناعي فظاهر جداً لدى الجميع، وفي جميع العصور لا يستغني عن الحديد فميزته مهمة، ولا سيما أثناء القتال في الجهاد الذي نزلت الآية في شأنهفِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس [الحديد: ٢٥] فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنزل الكتاب، وأنزل الميزان، وأنزل الحديد- أي: أنزل الحق الذي يجب أن تعلمه الأفهام والعقول السليمة، وأنزل الحديد ليردع العقول المنحرفة والقلوب المريضة والميتة ليردها إِلَى الحق، والأنعام أيضاً من أعظم نعم الله -عَزَّ وَجَلَّ- فلا غرابة أن تختص بالذكر؛ لأنها من أعظم نعم الله، انظروا إِلَى اللبن وحده بغض النظر عن اللحم وغير ذلك كما يشتق منه أنواع الغذاء من الأجبان والزبدة والأدوية والفيتامينات وأمور لا تحصى، هي من أساسيات الحياة، واختص الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بذكرها لما فيها من الفضل.

ولو قلنا: إن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنزل الأصل، ثُمَّ تناسل ذلك عَلَى الأرض فإن هذا لا إشكال فيه، كما نرى الآن ونشاهد في الأرض أن الجو يكون صحواً فيأتي السحاب فينزل المطر فنرى الماء، وقد نكون بمكان فلا نجد الماء وبعد حين من الدهر يكتشف وجود الماء، فرزق الله -عَزَّ وَجَلَّ- يأتي بوسائل نعلمها، ووسائل لا نراها ولا نعلمها ومنه هذه المعادن، وهذه الخيرات، والكنوز التي في الأرض، فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- متى ما شاء سلبها منها، وإذا شاء أنزل فيها من الذهب والفضة والخير والكنوز ما لم نستطع أن ندرك كيف أنزله جل شأنه، هذا هو المراد الذي يتضح به أن الإنزال والنزول حقيقي في كل هذه الأمور وأنه لا شبهة لأولئك في نفي علو الله -عَزَّ وَجَلَّ- من جهة ولا في نفي أن القُرْآن كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- منزل غير مخلوق من جهة أخرى.

<<  <   >  >>