الثاني: عند ولادة المولود، فينزل من الأعلى إِلَى الأسفل، وهذا المعنى وارد في الأنعام، حتى في الحديد، والذي يبدوا أن الراجح في نظري -والله تَعَالَى أعلم- أن الإنزال: إنزال جميع النعم أي أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يمتن علينا بإنزال جميع النعم التي ينعم بها علينا فعامة الرزق منزل من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً [يونس:٥٩] وأمثال ذلك وَيُنزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقاً [غافر:١٣] الرزق عموماً، سواء المطر أو الأنعام أو الحديد، وغير ذلك.
فالفضل كله من عند الله عَزَّ وَجَلَّ، وخزائن ذلك عنده تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:٢١] وينزل ذلك متى يشاء، وأين يشاء سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فعلى هذا فالحديد مما أنزل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من خزائنه، وكذلك الذهب والفضة وسائر أنواع الخيرات من الزروع والحرث والأنعام، أما كيفية الإنزال فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بها، فهو ينزلها كما يشاء ومنها ما نعرفه بأسباب المشاهدة، كما نرى نزول المطر من السحاب، ومنها ما لا نعرفه، لكننا نستيقن ونعلم أنه جل شأنه هو الذي ينزل هذه الخيرات، فإن قيل لماذا اختص الحديد والأنعام بالإنزال إذا كانت كلها منزلة؟ فالجواب: أنه قد ورد الإنزال بالكل كما في هذه الآية: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وإن أفرد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أو خص شيئاً ما بالإنزال فهذا فيه زيادة فضل، وتأكيد لهذا الشيء، لأن الحديد أساس من أساسيات حياة الإِنسَان في القديم والحديث.