للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذاً ما الفائدة من إنزال القرآن؟ أمن أجل أن نشتغل بتأويله ليوافق ما قاله أرسطو وأفلاطون! ومن ثُمَّ ننظر ما ثبت متواتراً منها اشتغلنا بتأويله وما كَانَ آحاداً رددناه! فهذا مضيعة مشغلة، وكان الأولى أن نشتغل ونجعل الوقت والجهد كله فيما قرره هَؤُلاءِ من القواعد والبراهين وننتهي من إضاعة العمر في رد ونقض القُرْآن والسنة وتأويلها لتوافق ما قالوا.

هذا هو لازم لهم بأي حال من الأحوال ولا يمكن أن يحيدوا عنه أبداً والواقع معلوم، وكما يعلم كل ذي لب من مؤرخ أو مفكر مؤمن وغير مؤمن أن علم اليونان وعلم غيرهم كَانَ موجوداً قبل بعثة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان متداولاً حتى في بعض الأقطار التي فتحها الْمُسْلِمُونَ مثل بلاد الشام وبلاد مصر وكانت هذه الفلسفات معروفة فماذا أغنت عنهم وما أعطتهم من الحق والهدى؟ لم تعطهم إلا الضلال والحيرة والعياذ بالله، فلا بد إذاً من الرجوع إِلَى الكتاب وإلى السنة.

ولو نظرنا إِلَى ما يمكن أن نرد به علىهَؤُلاءِ من واقع دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسنجد الإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عقد باباً في صحيحه سماه أخبار الآحاد وأيضاً كتاباً آخر أسماه الاعتصام بالكتاب والسنة، وقد تعمد الإمام البُخَارِيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أن يعقد هذا الباب لينبه إِلَى هذه المسألة المهمة، ويبين لنا خطر ما يدعو إليه أُولَئِكَ المتكلمون وذكر فيه جملة من الأحاديث التي تبين وتقطع ببطلان دعوى التواتر.

ومن ذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمّا بعث الرسل إِلَى ملوك الأرض قاطبة ليبلغهم العقيدة فبعث دحية الكلبي إِلَى هرقل ملك الروم وهو رجل واحد ولم يبعث عشرين ولا ثلاثين ولا سبعين.

وبعث إِلَى الفرس أيضاً رجلاً واحداً.

<<  <   >  >>