وبعث كذلك إِلَى المقوقس ملك، أو عظيم القبط رجلاً واحداً، ولنفرض أنهم رجلين، فهذا لا يؤثر، فقد بعث النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً إلىاليمن ثُمَّ أبا موسى الأشعري وهم آحاد ولم يصل العدد إِلَى حد التواتر، وقد كَانَ يأتي إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل مثل عامر بن الطفيل الدوسي ومثل ضمام الذي قال أنا ضمام أخو بني سعد بن بكر، فسأل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التوحيد والإيمان ثُمَّ رجع وأنذر قومه وبلغهم.
وكثير من هَؤُلاءِ الصحابة الذي كَانَ يذهب الواحد منهم ويعود إِلَى قومه ويبلغهم عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذلك أهل المدينة كيف دخلوا في الإسلام، هل أرسل لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدد التواتر؟
إنما بعث إليهممصعب بن عمير -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- رجلاً واحداً أدخلهم في الإسلام حتى أنهم استقبلوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأحضان من أول يوم وصل المدينة، وإذا به سيد المدينة، وحاكمها المطلق، فآمنوا واهتدوا وهم أفضل الأمة بعد المهاجرين بدعوة رجل واحد.
فدعوى من يقول: إن العقيدة لا تؤخذ عن الخبر الواحد دعوى واضحة البطلان، ومن ذلك ما يقول به كثير من النَّاس اليوم، الذين يردون بعض الأحاديث الصحيحة، كحديث الذباب فيجدر بنا أن نتنبه إِلَى خطورة هذه القضية: بعض النَّاس قد يكونون إسلاميين أو دعاة أو ما أشبه ذلك، ولكنهم منحرفون في هذه القضية ولا يضرنا ذلك ومن ذلك ما راج من بدعة إنكار آحاد السنة وبالذات حديث الذباب الذي صح عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ:(إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء) فردوا هذا الحديث مع أنه حديث صحيح ثابت عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: إن العلم يثبت أن هناك ميكروبات، فكيف يردونه؟