للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذه القاعدة تؤكدها الأحاديث الثابتة الواردة بإبطال قول من يقول: إن الكلام هو ما في القلب ويستدل عليها بقول الشاعر النصراني ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) هذا جزء من حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله تعالى عنه والذي بيَّن فيه عدة من الأحكام مثل علو الله -عز وجل- وهذا الحُكم من أحكام الصلاة وأثبت فيه أيضاً الكهانة والطيرة وهو حديث عظيم رواه الإمام مسلم وغيره وهو من أحاديث العقيدة المهمة فلما أن عطس الرجل فشمته معاوية بن الحكم السلمي بصوت عالي، فتأثر الصحابة رضي الله عنهم وضربوا على أفخاذهم، فقال: ما لكم، فتأثروا أكثر، فاضطر أن يسكت، فلما انتهى تعجب ما الذي جرى فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم وأخذه بلطف وقال له: (إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس) فإذا كان الكلام هو ما في الفؤاد فمن من المسلمين -إلا من عصمه الله من السلف الأولين أو من أشباههم- لا يكلم نفسه في أثناء الصلاة.

وقد اتفق العلماء والفقهاء جميعاً على أن حديث النفس حتى ولو بشيء من أحاديث الدنيا أو بأي أمر من الأمور، فإنه لا يبطل الصلاة، فيجب أن نفرق بين الخشوع وبين البطلان فالكلام هنا في البطلان فمن تكلم بكلام أو قول أي أظهر لفظاً أو نطق بكلام لغير مصلحة الصلاة بطلت صلاته عند جميع الفقهاء لكنه لو تكلم بهذا الكلام في نفسه، فإن صلاته لا تبطل ولكن ينقص الخشوع.

فالكلام النفسي موجود دائماً ولا يخلوا إنسان من أن يحدث نفسه هذا أحد الأدلة.

<<  <   >  >>