وهنا قاعدة: وهي أن كل من ردَّ شيئاً من الدين، أو ما ثبت في السنة الصحيحة، أو رد شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، أو أمراً معلوماً من الدين بالضرورة عَلَى سبيل الجحود والنكران، فهذا كافر خارج عن الملة.
وأما من رده عَلَى سبيل التأويل، أو لديه اجتهادات خاطئة أوقعته في هذه البدعة وهذا الضلال والانحراف، دون أن يكون قصدُه في نفسه مُعَاندَةُ شرعِ الله أو جحوده؛ فهذا في الجملة لا يَكفر، وإنما يكون مبتدعاً ضالاً منحرفاً، ثُمَّ بعد ذلك تختلف المقالات ويختلف الأفراد فيما بينهم وبين الله عَزَّ وَجَلَّ، فقد يكون منهم من هو كافر في الحقيقة أو زنديق، ولكن يتلبس بأنه لم يجحد ولم ينكر، فالذين يتأولون -كما هو حال الذين قالوا: إن القُرْآن ليس كلام الله بل هو حكاية أو عبارة أو مجاز ونحو ذلك- لا يخرجون من الملة ولا يكفرون كفراً ينقلهم من الإسلام إِلَى الكفر وإنما هم أهل ضلال وابتداع وانحراف، وتفصيل الكلام في هذه المسألة -مسألة متى يكفر المؤولون ومتى لا يكفرون؟ وهل أصحاب البدع يكَّفرون بإطلاق؟ - يأتي إن شاء الله في آخر هذه العقيدة عند قوله:[ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله] ، وإنما المراد هنا ما يتعلق بقضية الكلام فقط.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
[وقوله: ولا يُشبه قول البشر، يعني أنه أشرف وأفصح وأصدق قال تعالى: وَمَنْ أَصدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً [النساء:٨٧] .، وقال تعالى: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْل هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ [الإسراء:٨٨] .