قَالَ: لأن الله عَزَّ وَجَلَّ هو الذي صرفهم، فهو أمر كوني لا يمكن أن يفعلوه، فالله عَزَّ وَجَلَّ صرفهم رغماً عن أنوفهم عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن، وإلا فمن الممكن أن يأتوا بمثله وأن يركبوا كلاماً مثله والعياذ بالله، ولم يوافقه عَلَى هذا القول أحد منأهل السنة المعتبرين إلا أبو مُحَمَّد ابن حزم فقد وافق النظّام عَلَى أن الذي منع النَّاس من الإتيان بمثل هذا القُرْآن هو أن الله تَعَالَى صرفهم عنه، فهم لو حاولوا لما استطاعوا، والردُّ عَلَى ذلك واضح، فيُقَالَ:
أولاً: مخالفته للإجماع، ولِمَا كَانَ عليه السلف الصالح رضوان الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عليهم.
وثانياً: أن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا [البقرة:٢٣-٢٤] قالوا: قوله: ولن تفعلوا معناه: لن تستطيعوا، بمعنى أنكم لن تفكروا ولن تحاولوا، أي: قدراً وقضاء، فأنتم مصروفون عن ذلك، وإلا لو حاولتم ولو كَانَ لكم الإرادة والخيار لاستطعتم، لكن في الحقيقة أن قوله تعالى: وَلَنْ تَفْعَلُوا إخبار بالواقع، وليس أمراً كونياً قدرياً، يعني: حقيقة لن تفعلوا ذلك، فلتحاولوا إن شئتم ولستم مصروفين عن المحاولة، لكن لن تفعلوا ولن تستطيعوا أن تأتوا بمثله.