ولهذا جاءت الحروف المقطعة في أوائل السور، ثُمَّ يأتي بعد هذه الحروف وصف القُرْآن الكريم كقوله: آلم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:١-٢] وقوله: حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [غافر:١-٢] وقوله: حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ [الأحقاف:١-٢] وقوله: (آلمص) ، (ق) ، (حم * عسق) إِلَى آخره أكثر السور التي في أوائلها الحروف المقطعة يأتي بعدها ذكر القُرْآن ووصفه، أو القسم بالقرآن، أو ما يدل عَلَى أن المراد هو القرآن.
ومعنى ذلك: أنكم أيها العرب! تتكلمون باللغة العربية وتتعاظمون وتتفاصحون بها وبلغ من تعظيم العرب للبلاغة والبيان أنهم كتبوا المعلقات العشر أو السبع، وعلقوها في الكعبة، وهي أعظم ما يفتخر بها العرب وذلك لما تحمله من بلاغة وبيان، وكانت العرب تفتخر وتفاخر بالفصاحة والبلاغة والبيان حتى أنهم يسمون كل من ليس عربياً أعجمياً، فمهما كَانَ عند الروم وعند الفرس من الحضارات، فإن العرب يسمون الدابة عجماء، ويسمون الذي لا يتكلم العربية أعجمياً يعني: كأنه كالدابة التي لا تتكلم بشيء فلا يعترفون ولا يعدون أي بيان إلا البيان العربي فقط.