للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورواه مسلم، ولفظه (فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يَوْمَ القِيَامَةِ) والباقي مثله. ومعنى ذلك أنه يَشْخُبُ فيه مِيزَابَانِ من ذلك الكوثر إِلَى الحوض] اهـ.

الشرح:

هذا الموضوع هو أحد أمور الغيب التي صح بها الخبر وثبتت عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأحاديث كثيرة، وهذا مما يجب الإيمان به، فيجب أن نؤمن بالحوض، وبالصراط وبالميزان، وبجميع ما أخبر الله به ورسوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمور الغيب، والمراد إثبات هذه العقيدة، والرد عَلَى من خالف فيها وإبطال شبههم، وقوله: (والحوض الذي أكرمه الله تَعَالَى به غياثاً لأمته حق) ، والضمير في (أكرمه) يعود إِلَى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وابتدأ المُصنِّفُ ببيان الأحاديث الواردة في الحوض وأنها تبلغ حد التواتر.

اختلف العلماء في الحوض: هل هو مختص بالنبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم أن غيره من الأَنْبِيَاء لهم حوض؟

وسبب الاختلاف: يرجع إِلَى الحكم في تصحيح النقل في ذلك، لأن علماءأهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ كما علمنا في باب المغيبات وغيرها إنما يتبعون النقل الصحيح عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا النقل ورد فيه حديث وراه التِّرْمِذِيّ (إن لكل نبي حوضا) وهذا الحديث قال التِّرْمِذِيّ بعد أن ذكره، اختلف في وصله وإرساله، والمرسل أصح، وهذا القول هو الصحيح.

وقال الحافظابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- المرسل أخرجه ابن أبي الدنيا بسند صحيح عن الحسن فالحديث مرسل، فمن يعمل بالمرسل -من الفقهاء- فقد رأى أن هذا الحديث صحيح وثابت، والاستدلال به جائز، ومن كَانَ لا يقبل المرسل أو لا يعمل به أولم يثبت لديه هذا الحديث -وهو مذهب المحدثين- فلا يثبت، وعليه فلا نثبت لغير النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حوضاً، إلا أن يصح النقل من غير هذه الطريق.

<<  <   >  >>