للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا عقب الحافظ ابن حجر -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- عَلَى هذا فقَالَ: "فإن ثبت فالمختص بنبينا صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكوثر الذي يصب ماؤه في حوضه، فإنه لم ينقل نظيره لغيره فوقع الامتنان عليه به في السورة المذكورة) ، وهذا الكوثر كما مر معنا في طرق حديث الإسراء: نهر في الجنة، وهذا النهر الذي في الجنة -كما سيأتي في الحديث الذي رواه الإمام أَحْمَد هنا- هو يصب في الحوض، وبهذا يجمع بين الروايات في الحوض وفي الكوثر.

وروى الإمام أَحْمَد - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - وهو من ثلاثياته عن أنس، قَالَ: أغفى رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إغفاءةً فرفع رأسه متبسماً إما قال لهم وإما قالوا له: لم ضحكت؟ فَقَالَ رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنه أُنزلت علي آنفاً سورة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر] حتى ختمها ثُمَّ قال لهم: هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قَالَ: هو نهر أعطانيه ربي -عَزَّ وَجَلَّ- في الجنة عليه خير كثير ترد عليه أمتي يَوْمَ القِيَامَةِ آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم، فأقول: يا رب! إنه من أمتي، فيُقَالُ: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.

ورواه مسلم ولفظه: (إنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يَوْمَ القِيَامَةِ) ، فيلاحظ أنه سمى النهرُ حوضاً، والحوضُ نهراً، وذلك ثابت في طرق كثيرة غير هذه.

الذين أنكروا الحوض: هم طائفة قليلة من أهل البدع والضلال، وبعض فرق الخوارج، وبعض المعتزلة وتأولوه وَقَالُوا: لا يثبت للنبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حوض، وإنما هذا كناية عن الكرم والعطاء.

حكم من أنكر الحوض

<<  <   >  >>