وهذا المذهب لا دليل عليه، لا من النقل ولا من العقل والنظر، فما الذي يمنع أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يجعل كرمه وعطاءه إكراماً للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صفة هذا الحوض، ولا سيما في ذلك اليوم الذي هو يوم العطش الأكبر "يَوْمَ القِيَامَةِ" حين تدنو الشمس من النَّاس عَلَى مسافة ميل فمنهم من يلجمه العرق إلجاماً، ومنهم من يبلغ العرق إِلَى منكبيه، ومنهم يبلغ إِلَى سرته، ومنهم من يبلغ إِلَى ركبتيه، ففي ذلك اليوم تكون المنة، ويكون التكريم العظيم من الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى نبيه مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع الشَّفَاعَة العظمى.
فليس هناك أدنى شبهة لا نقلية ولا عقلية لمن ينكر الحوض، وقد ثبت بالتواتر ومعنى ذلك: أن منكره بعد قيام الحجة عليه كافر، فمن أنكره فقد أنكر أمراً معلوماً بالتواتر.
متى ظهر منكري الحوض
نقل إنكار الحوض في أواخر عصر الصحابة، حتى أن أنس بن مالك وهو من أواخر الصحابة -رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم جميعاً- وفاةً، قَالَ:"ما ظننت أني أعيش حتى أسمع من ينكر الحوض".
وكما ظهرت البدع الأخرى حين ظهرت القدرية والمرجئة في أواخر عصر الصحابة، بخلاف الرافضة والشيعة والخوارج فإنها ظهرت في زمن أمير المؤمنين عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ وعن أصحاب نبيه أجمعين.
هل عبيد الله بن زياد أنكر ثبوت الحوض؟
وممن نُقل عنه إنكار الحوض كما ذكر ذلك الحافظابن حجر وجمع طرفاً فيه: هو عبيد الله بن زياد أميرالعراق؛ لكن الذي يظهر لمن تأمل ما ورد عن عبيد الله بن زياد أنه لم ينكر الحوض.