ولا يقتضي إعطاءه الحوض أنه يسقي النَّاس بيده، وإنما هو صاحبه الذي يتقدم أمته ثُمَّ يُسر برؤيتهم وهم يشربون مع كثرتهم، وهم يردون من هذا الخير العظيم الذي أعطاه الله إياه، وأكرمه به ويتألم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند ما يرى أن قوماً يذادون، إذاً هو لا يسقي لأن التصريح جَاءَ بأنهم يردون ويشربون، وهَؤُلاءِ يطردون؛ بل يذادون.
ذود أناس من أمة النبي صلى الله عليه وسلم عن الحوض
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما في حديث سهل (أنا فرطكم عَلَى الحوض من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ أبدا) ثُمَّ قَالَ: (ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني، ثُمَّ يحال بيني وبينهم) وهذه الرواية تصريح بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرفهم وأنهم يعرفونه.
وقد سبق أن قلنا: إن الذين يذادون عن الحوض إن كانوا من عموم أمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين يقول: (أمتي أمتي) فذلك محتمل أن يذاد أناس من عامة الأمة، وهو أمر واقع ممن ينتسبون إليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإلى أمته، ولو بعد وفاته بقرون، وهَؤُلاءِ ليسوا من أمته في الحقيقة بل هم مبدلون ويعرفهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعلامات التي يعرف بها أمته، أو يكون هذا الحوض له ولأمته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحينئذ يتعجب أو يستغرب، لماذا يذادون؟