وأيضاً كونهم ممن رآهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورؤه، فهذا الاحتمال أيضاً وارد، ولا تعارض بينهما، ولا ينفي ذلك كما سبق، أو لا يقتضي ما يقوله أهل البدع من الروافض وأشباههم من أن بعض الصحابة ارتدوا بعد وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد عرف أقواماً، ثُمَّ ارتدوا بعد وفاته، وهَؤُلاءِ ليسوا من الصحابة ولا يشملهم اسم الصحبة، كما وقع ذلك من مسيلمة الكذاب وغيره من المرتدين، فينطبق عَلَى هَؤُلاءِ قول: النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أعرفهم ويعرفونني، ثُمَّ يُحال بيني وبينهم) ، وظاهر الفاعل المجهول للفعل "يحال" أنهم ملائكة العذاب يذودون ويطردون أهل الشقاوة، الذين لم يكتب الله لهم ورود الحوض.
ذكر طرق أحاديث الحوض
سبق ذكر كلام ابن حجر أنه قَالَ:"أحصيت نحو خمسين أو زدت عليها".
ومنهم من قَالَ: إنها ثمانين، والحديث روي عن عدد من الصحابة وبعض الرواة قد يزيد أو ينقص بحسب الرواية وبحسب المجالس، فقد يكون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدث بذلك في مجالس متعدده، فلما سمع أبو حازم هذا القدر من الحديث عنالنعمان بن أبي عياش قَالَ: هكذا سمعته منسهل قَالَ: نعم.
قالأبو حازم: وأنا أشهد عَلَى أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه -أي: في موضوع الحوض- أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إنهم مني أي هَؤُلاءِ من أمتي، فلماذا يذادون عن الحوض قَالَ: فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، أي أنت تعرفهم ويعرفونك، وهم منك عَلَى عهدك عَلَى حد علمك، وأنت في الدنيا، ولكنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.