للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث السابق دليل عَلَى أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعلم الغيب، وليس كما يقول أهل البدع: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حي في قبره حياة حقيقية، وأنه بجسده وروحه يجوب الأرض ويطلع عَلَى أحوال الْمُسْلِمِينَ ويعرفها ويشفع ويفعل.. وغير ذلك مما يبتدعون، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو أنه يعلم بعد موته، لكان أول ما يعلم ما وقع من الردة، فإنها أمر عظيم وخطب جلل كبير، كيف يلتحق صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرفيق الأعلى بعد أن جمع الله تعالىجزيرة العرب كلها تحت لواء الإيمان، وأطاعت وانقادت له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يموت وإذا بكثير منها من الشرق واليمن يرتدون حتى أنه لم يثبت الثبات الكامل إلا الطائف ومكة والمدينة وبنو عبد القيس، إذاً الموضوع مهم، فكان هذا من أول ما ينبغي أن يعلمه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولأنه قريب عهد به؛ لأن الردة كانت بعد وفاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

إذاً فالقول بأنه يطلع عَلَى أحوال الأمة وهو حي في قبره حياته العادية من قول أهل الضلال الذين يريدون أن يجعلوا ذلك ذريعة إِلَى الشرك من دعائه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والاستغاثة به من دون الله فيوقعون الأمة في الشرك الأكبر الذي جَاءَ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجميع الرسل لمحاربته، وللدعوة إِلَى توحيد الله وحده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب

<<  <   >  >>