للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالمقصود أن الرجل قال لتلميذه هذه الأبيات وذهب في الخلاء، وترك الماضي ولا يريد أن يعود إليه، ولما كتب المنقذ من الضلال، ذكر كل فرقة من هذه الفرق وما وجد عندها من الاضطراب، فَقَالَ عن علماء الكلام: لم أجد عندهم إلا الحيرة، والشك، والتناقض، وليس عندهم يقين أبداً، فتركتهم وانتقلت إِلَى الباطنية، فوجدتهم يتلقون عن هذا الإمام المعصوم كما يزعمون وفي نفس الوقت قتل الباطنية الوزير نظام الملك صاحب المدرسة واغتالوا الخليفة المقتدي، قَالَ: فطلب منه الخليفة المستظهر أن يؤلف كتاباً ضدهم، فكتب كتاباً سماه فضائح الباطنية أو المستظهِري نسبة إِلَى الخليفة - في الرد عَلَى الباطنية، ورد عَلَى الفلاسفة لأنه وجد أنها لا تصلح، ثُمَّ قبل في آخر الأمر التصوف ولما وصل إِلَى هناك واعتزل الناس، بدأ يكتب الإحياء، وهو أعظم كتبه، واهتم في كتابه الإحياء بالكلام عن الدنيا والتنفير منها والتحذير من علماء السوء، لأنه جرب أنه كَانَ عالم سوء، وكان يفتي النَّاس بهذا العدد الضخم، ولا يوجد عنده يقين.

ولم يتعرضالغزالي في كتابه الإحياء للجهاد نهائياً، وإنما أتى بكل الأبواب -الزكاة والصلاة، والمعاملات، والأخلاق، إلا الجهاد لم يأتِ به أبداً، ولم يتعرض له؛ لأن الإِنسَان إذا دخل في الصوفية وتعمق فيها لا يفكر في الجهاد أبداً.

الجهاد عند الصوفية

<<  <   >  >>