وذكر استدلال الفريق الآخر، حيث يقولون: فيه دفاع عن الدين، ومناظرة الملحدين، وقمع للشبهات، هكذا ذكر ذلك وهي موجودة في الجزء الأول من الإحياء كما قلنا قواعد العقائد.
قَالَ:[فإن قلت: فما المختار عندك؟] بعد أن ذكر أن السلف جميعاً مجمعون عَلَى شيء، وأن أهل الكلام خالفوهم؛ فأجاب بالتفصيل فقَالَ: فيه منفعة، وفيه مضرة؛ لأن السلف ذموه بإطلاق قالوا: لا نفع فيه ولا خير فيه وذكر أنهم مجمعون عَلَى ذلك، فلماذا تخالف إجماع السلف؟
فهو كما يقول: تركت التقليد وأخذت انتهج سبيل النظر حتى أصل إِلَى اليقين؛ كأنه يعتذر من اتباع السلف؛ لأنه من باب التقليد، وترك كلام السلف وإجماعهم، ويقول: فيه منفعة، وفيه مضرة، فهو في وقت الانتفاع حلال أو مندوب أو واجب كما يقتضيه الحال، وهو باعتبار مضرته في وقت الاستضرار ومحله حرام، قَالَ: فأما مضرته فإثارة الشبهات فهذا ضرر، وهذا يكفي وتحريك العقائد، وإزالتها عن الجزم والتصميم وذلك مما يحصل بالابتداء، وأي إنسان يتعمق في الجدل وعلم الكلام فإنه تحصل عنده الزعزعة، ورجوعها في الدليل مشكوك فيه..... إلخ، وهذا ينطبق عليه رَحِمَهُ اللَّهُ.
أهذا لديه اتباع للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللسلف الصالح؟ فلو أنالغزالي قَالَ: نَحْنُ مع هَؤُلاءِ السلف، لأراح نفسه واتخذ موقفاً واضحاً، لكنه قَالَ: فيه تفصيل وقد يكون واجباً، ثُمَّ يقول كلاماً يوجهه إِلَى كل باحث، وإلى كل مطلع، وإلى كل قارئ من أي اتجاه.