للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ يقول أخيراً: [ولعمري لا ينفك الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور ولكن عَلَى الندور] فبعض النَّاس يفك الحجاب الذي كتبه المشعوذ ويجد أن آية الكرسي وقل هو الله أحد -اسم الله الأعظم فيه- فيقول الْحَمْدُ لِلَّهِ وتطمئن نفسه، ولا ينظر إِلَى تلك الطلاسم من فوق ومن تحت وجميع الأطراف، وهكذا كل العلوم لا بد أن تأتي بشيء من الحق لتعمي عَلَى الناس، والبريء منهم والساذج أو المغفل عندما يرى هذا الشيء من الحق ينسى تلك الطلاسم وتلك الحواشي، فهو مثل علم النجوم، كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الجني يتلقى الكلمة فيلقيها إِلَى وليه قبل أن يدركه الشهاب، فيحفظها الولي من الإنس، فيضع معها تسعة وتسعين كذبة، والنَّاس دائماً يتعلقون بذكر الواحدة، وينسون التسعة والتسعين فهذه طريقة الشيطان، وهذا تلبيسه، فعلم الكلام في هذا مثل خبر الكاهن، صدقه واحدة ولكن معها تسعة وتسعون كذبه، هذه هي غاية ما في علم الكلام.

هدم الدين وإفساده

قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

[وكلام مثله في ذلك حجة بالغة والسلف لم يكرهوه لمجرد كونه اصطلاحاً جديداً عَلَى معان صحيحة، كالاصطلاح عَلَى ألفاظ لعلوم صحيحة، ولا كرهوا أيضاً الدلالة عَلَى الحق والمحاجة لأهل الباطل، بل كرهوه لاشتماله عَلَى أمور كاذبة مخالفة للحق، ومن ذلك: مخالفتها للكتاب والسنة وما فيه من علوم صحيحة، فقد وعّروا الطريق إِلَى تحصيلها وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها، فهي لحم جمل غث عَلَى رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقى، وأحسن ما عندهم فهو في القُرْآن أصح تقريرا، وأحسن تفسيرا، فليس عندهم إلا التكلف والتطويل والتعقيد كما قيل:

لولا التنافس في الدنيا لما وضعت كُتْبُ التناظر لا المغني ولا العمد

يحللون بزعمٍ منهمُ عقدا وبالذي وضعوه زادت العقد

<<  <   >  >>