ومما يجب عَلَى من لم يستطع الإيمان المفصل: أن يؤمن بالكتاب كله ويسلم له ولا يؤخذ بعضه ويترك البعض الآخر، وقد سبق أن ذكرنا في موضوع تعارض العقل والنقل أنهم لا يعارضون النقل بالعقل دائماً، وإنما يعارضون به في المواضع التي يرون وجوب التأويل فيها، وإعمال العقل فيها فقط، وهذا يتنافى مع التسليم، فإنه ليس هناك مواضع يجب أن نسلم فيها، ومواضع لا نسلم فيها بل نؤولها ونحكِّم العقل فيها، بل يجب علينا أن نسلم ونؤمن بالجميع ونؤمن بالكتاب الذي أنزله الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كله.
وإذا كنا نعرف أن الوحي هو نعمة الله الكبرى عَلَى العالمين، وتخيلنا بأذهاننا كيف يكون حال البشرية لو أن الله لم ينزل هذا الوحي عَلَى مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فإننا لا نستطيع أن نحصر الضلالات والشركيات في الأرض اليوم مع وجود الوحي فكيف مع عدم وجود الوحي، فإن العالم فيه أمم تعبد أنواعاً من المعبودات مما لا يكاد الخيال يصدقه، حتى حدثني بعض الإخوة ممن ذهبوا إِلَى الهند أنهم وجدوا فيها أقواماً يعبدون الذر الصغير - فسُبْحانَ اللَّه - إذا كَانَ هذا حال البشرية مع وجود هذا النور وهذا الوحي، فكيف لو لم ينزل هذا النور وهذا الوحي المبين؟!