فيجب أن نقدر هذا الوحي حق قدره، فلا ندخل فيه ما ليس منه، فكل حديث موضوع ننزه عنه الشريعة وننزه عنه الرسل، ولا تجوز روايته إلا عَلَى سبيل بيانه للناس، وكذلك تنزهه عن الآراء، فهو بذاته محفوظ بإذن الله تعالى، وقد كانت طريقة علماء السلف من التابعين ومن بعدهم هي اتباع السبيل، والحذر الشديد من البدع وأهلها، ولذلك كانوا رحمهم الله تَعَالَى لا يجادلون أهل البدع، بل إنهم يرفضون أن يكلموهم أصلاً، حتى أن أيوب السختياني رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ عرض عليه أن يسمع من بعض أهل البدع كلمة فقَالَ: لا ولا نصف كلمة وخرج وتركه، وبلغ بعض علماء السلف بدعة من بعض النَّاس فأقسم بالله أنه لا يؤيه وإياه سقف واحد إلا سقف المدينة.
وقيل إن الحسن البصري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما روى عنه الآجري في كتاب الشريعة، جاءه رجل وقال له تعال يا حسن أناظرك، فَقَالَ الحسن رضي الله عنه:"أما أنا فقد عرفت ديني، وأما أنت فإن كنت أضللت دينك، فاذهب فالتمسه حيث شئت ".
وجاء آخر إِلَى الإمام مالك فقال له: تعال أناظرك.
فَقَالَ له مالك: أرأيت إن غلبتني؟
قَالَ: اتبعتني، قال: فإن اتبعتك، فجاء رجل ثالث فغلبني وإياك.
قَالَ: نتبعه، قَالَ: سبحان لله! إن دين الله واحد أنزله عَلَى مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمرنا باتباعه قصداً، فقد قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:"من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل " فمتى يثبت وعلى أي دين يستقر.