للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صلى ولم يتكلم بالشهادتين، أو أتى بغير ذلك من خصائص الإسلام، ولم يتكلم بهما، هل يصير مسلماً أم لا؟ والصحيح أنه يصير مسلماً بكل ما هو من خصائص الإسلام. فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) فهو أول واجب وآخر واجب] اهـ

الشرح:

ابتدأ الماتن -رحمه الله تعالى- واضع العقيدة وهو الإمام الطحاوي بهذه الجملة:

[نقول في توحيد الله معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له] .

فابتدأ العقيدة بالتوحيد، وهذا هو اللائق، لأن التوحيد هو أشرف وأهم فروع العقيدة، بل العقيدة كلها توحيد، والقرآن كله توحيد، فالتوحيد هو أول ما يجب، وأول ما يدعى إليه، وحول التوحيد كانت المعركة بين الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- وبين الأمم.

وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:٢٥] وقال تبارك وتعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:٣٦] فهذا هو ما دعا إليه الأنبياء جميعا، دعوا إلى توحيد الله تبارك وتعالى حيث افتتحوا دعوتهم واختتموها بذلك. فإن الشرائع والتعبدات جميعاً إنما هي فروع وتوابع للتوحيد.

ومعنى كون التوحيد أول دعوة الرسل: هو أن كل نبي إنما يأتي قومه لينذرهم أنه لا إله إلا الله، ويحذرهم من عبادة الطاغوت.

وأما قوله: [وأول منازل الطريق وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل] ، هذه العبارات استعارها المصنف من المصطلحات الصوفية، فالصوفية عندهم أن الناس ثلاثة أنواع: مريد -وهذا هو المبتدئ- ثم السالك الذي يسير في الطريق، ثم الواصل الذي وصل وسقطت عنه التكاليف، ووصل إلى حقيقة المعرفة كما يقولون.

<<  <   >  >>