فإذا جاء في الفقه ذكر هذا الكلام، وإذا جاء في علم الكلام قال: لابد من ترك التقليد، وهل يكفر المقلد أو لا يكفر؟ ... إلخ، كأنه يشرح لأمة أخرى غير أمة محمد التي يشرح لها الفقه.
فأول واجب على المكلف هو: الإقرار بالشهادتين والنطق بهما، وهو أخص من القول، فالنطق: مجرد إخراج الحروف، أما القول فهو في اللغة العربية: يطلق على الفعل، فإذا حرك رجل يده تقول: وقال بيده هكذا، كما جاء في الحديث:(وقال بيديه هكذا) فلا يكون الإنسان مسلماً أبداً إلا إذا شهد أن لا إله إلا الله، وليس في هذا خلاف -ولله الحمد- بين علماء السنة والجماعة، ولا بين الفقهاء، إلا لما ظهرت البدع، فقالوا: إن الإيمان يكون في القلب، ولا يشترط أن ينطق بلسانه، ولذلك قال بعض المؤلفين: إن من عرف الله بقلبه ولم يشهد أن لا إله إلا الله ولم ينطق بها، يمكن أن ينجوَ عند الله ولا يعذبه؛ لأن التصديق حصل عنده، وهذا كلام باطل مخالف للإجماع المنعقد من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليوم من أهل السنة والجماعة، وهو: أن الإنسان لا بد له أن يشهد أن لا إله إلا الله، ولابد له -أيضا- أن يؤدي الصلاة والزكاة ظاهراً؛ حتى يكون له حكم الإسلام، ولا يهم إن كان في قلبه غير مقر بها، فإننا لم نؤمر أن نشق عن قلوب الناس.
وهناك فرق بين أحكام المرتد، وبين أحكام الكافر الأصلي كاليهودي أو النصراني، فمن شهد أن لا إله إلا الله، وقال: أنا مسلم، أو فعل شيئاً من خصائص الإسلام، ثم نكث وكفر فحمل الصليب مثلاً، أو سجد لغير الله، فهذا مرتد يقتل، بخلاف الثاني فإنه على دينه من الأصل.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وهاهنا مسائل تكلم فيها الفقهاء: كمن صلى ولم يتكلم بالشهادتين، أو أتى بغير ذلك من خصائص الإسلام، هل يصير مسلماً؟ الصحيح أنه يصير مسلماً بكل ما هو من خصائص الإسلام]