الْحَصِينِ وَالْحِرْزِ الْحَرِيزِ ذَلِكَ لِشُفُوفِ هَذَا الأَمِيرِ عَلَى أَتْرَابِهِ وَخُفُوفِ ذَاتِهِ الرَّاجِحَةِ فِي حُقُوقِ أصحبه ثُمَّ إنَّهُمُ انْتَقَلُوا بِانْتِقَالِهِ إِلَى سَرَقُسْطَةَ أُمِّ الثغر الشرقي حين حلها ذاباً عن أرجايها ومجاهداً لاعدايها حلول البر التقي وإذ حمت شهادته قَافِلا مِنْ غَزَاتِهِ فِي التَّارِيخِ الْمَرْسُومِ كَسَدَ ما نفق في أيامه من بضايع الْعُلُومِ وَنَاصِعِ الْمَنْثُورِ وَالْمَنْظُومِ فَلَزِمَ أَبُو عَبْدِ الله داره خايفاً مِنْ تِلْكَ الأَحْقَادِ الْقَدِيمَةِ وَرَاضِيًا بِالإِيَابِ إِلَيْهَا مِنَ الْغَنِيمَةِ وَفِي أَكْثَرِ عُمْرِهِ ارْتَدَّ عَلَى العقب مأموله وَامْتَدَّ بِطُولِ مُدَّةِ ابْنِ تَاشفِينَ خُمُولُهُ وَإِنْ كَانَ لا يُسَمَّى خَامِلا مَنْ شَهِدَ لِلْحِلْمِ حاملاً وعهد بالعلم عاملاً وحسبك بماله من التواليف الدينية إلى أن حتمت منته بِالْفِتْنَةِ الْحَمدِينِيَّةِ فَاسْتُشْهِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَدُفِنَ يَوْمَ الأَحَدِ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ٥٤٠ وَكَانَ دَفْنُهُ ضُحًى بِمَقْبَرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ ابن حبيش وقرأته بخطه استشهد في الحادثة الكاينة بِقُرْطُبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَقِيلَ
سَنَةَ ٤٦٣ وَالظَّاهِرُ في مقتله أنه اقتحمت ليه دَارَهُ إِذْ دَخَلَتِ الْمَصَامِدَةُ قُرْطُبَةَ عَنْوَةً فِي الْحَرْبِ الْوَاقِعَةِ بَيْنَ ابْنِ حَمدينَ وَابْنِ غَانِيَةَ أَوَّلَ انْقِرَاضِ سُلْطَانِ الْمُلَثَّمِينَ بِالأَنْدَلُسِ وَكَانَ شَيْخُنَا الأَدِيبُ الْحَافِلُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَرِيقٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ وَاقِفًا بِبَابِ داره فمر به الْمَصَامِدَةِ وَقَدِ ارْتَكَبُوا مِنَ الْجُرْمِ وَاسْتَحَلُّوا مِنَ الْمُنْكَرِ مَا حَمَلَهُ عَلَى زَجْرِهِمْ وَالإِغْلاظِ لَهُمْ ثِقَةً بِمَكَانَتِهِ وَعَمَلا بِمُقْتَضَى دِيَانَتِهِ فَاجْتَرَأَ أَحَدُهُمْ عَلَيْهِ وَاسْتَدَارَ مِنْ خَلْفِهِ وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَا لَبَّثَهُ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ ذبحه فخر لِفِيهِ وَفُجِعَ الإسْلامُ فِيهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَطْرَفَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الصَّفَّارِ الضَّرِيرُ شَيْخُنَا مِنْ قَتْلِ قَاتِلِهِ بِقِصَّةٍ عَجِيبَةٍ وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute