للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جملة لم يكن فيها حرف معنى، فدخلت إذ فصار المعنى لها، ولم تدخل على جملة فيها حرف غيرت /١٠٢/ معناه، لأن هذه جملة معراة من جميع حروف المعاني، ولم يحسن دخولها على جملة المجازاة لأنها جملة فيها حرف معنى يتغير بدخول غيره.

وأما قوله: إن المجازاة جملة بمنزلة الفعل والفاعل والابتداء والخبر فقد صدق في هذا، لكن بقي عليه في وصف المجازاة نوع آخر من الصدق، ولو أتى به استغنى عن هذا الرد، وهو ما قلنا من أن المجازاة إنما كانت جملة بمنزلة الفعل والفاعل والابتداء والخبر كما ذكر، فهي جملة يصحبها حرف من حروف المعاني، فلا ينساغ أن يدخل عليها جميع ما يدخل على الجمل المعراة من الحروف، ولو كنا إنما نراعي أن تكون جملة فقط فيجوز لنا بذلك أن ندخل عليها جميع العوامل والحروف التي تدخل على الجمل لقلنا: أتذكر إذ هل زيد قائم، فإن قال: الاستفهام له صدر الكلام، قيل له: إذا كان في [غير] موضع تكون فيه الجملة صدر "الكلام"، لأنك قد تقول: زيد هل قام، فيجوز لأنه في موضع جملة هي خبر عن زيد.

قال أحمد: وجملة القول في هذا كله أن الجملة المستفهم عنها والمجازي بها إذا جاءتا بعد حرف عامل أو غير عامل لم تقعا إلا جملة في موضع واحد كأنهما تكونان في موضع خبر [ولا تقعان بعد ما ذكر في موضع] لا يكون فيه إلا جملة، وبيان ذلك أن كان وإن لا تقع بعدها إلا جملة، وكذلك إذ، وإذا، وما، ولكن، فلم يجز وقوع الجزاء والاستفهام بعدها، فإن جعلتها في موضع الخبر جاز، لأن الخبر قد يكون واحدا فتقول: إن زيدا من يأته يعطه، لأنك تقول: إن زيدا أخوك، فقد وقع الجملة- أعني جملة المجازاة- في موضع الأخ وهو واحد، وكذلك ما، تقول: إن زيدا أخوك، ما زيد من يأته يعطه، فإن قلت: ما من يأته يعطه لم يجز، لأنك جعلتها في موضع لا يكون فيه إلا جملة وعرضتها لأن يدخل عليها ما يفسد معناها.

<<  <   >  >>