وأما قول محمد بن زيد: إن الجرمي سمع ذلك نصبا، فقد قال سيبويه: إن النصب أكثر وأعرف، وأغنى بذلك عن الاحتجاج عليه بقول الجرمي، ألا ترى إلى قوله: إن الرفع ضعيف، إلا أنه سمعه من العرب، شبهوه بالذي رأيت زيد، في حذف الهاء من الصلة، وحذفها من الصلة أجود، ويتلوها في الجودة حذفها من الصفة كقولك: الناس رجلان رجل أكرمت ورجل أهنت، وحذفها من الخبر وهي تنوي أضعف الوجوه، وقد روى أهل الكوفة والبصرة هذه الشواهد رفعا كما رواها سيبويه، فهذا وجه الرواية.
وأما طريق المقايسة، فإذا أجازت العرب أن تنصب المفعول إذا تقدم وقد شغلت الفعل عنه بالهاء كقولهم: زيدا ضربته، فعديل هذا في الحاشية الأخرى أن تجيز زيد ضربت، فترفعه ولم تشغل الفعل عنه بالهاء في اللفظ كما نصبته وقد شغلت الفعل بالهاء، لأنهما حاشيتان متحاذيتان في الجواز، وإن كانت إحداهما أكثر في كلام العرب من الأخرى.
فأما في المقايسة فهما سواء، لأن سبيل الكلام ووجهه أن يرفع المفعول إذا تقدم وقد شغلت عنه الفعل، ونصبه ليس بالوجه، وكذلك وجه /١٣/ الكلام أن تنصب المفعول المقدم إذا لم تشغل عنه الفعل، ورفعه ضعيف على نية الهاء.
[مسألة [٩]]
ومن ذلك قوله في باب ترجمته: هذا باب يحمل فيه الاسم على اسم يبنى عليه الفعل