ومن ذلك قوله في باب ترجمته: هذا باب ما ينتصب لأنه حال وقع فيه الخبر وهو اسم، زعم أن كلهم وجميعهم أجمعين وعامتهم وأنفسهم لا يكن إلا صفة.
قال محمد: أما عامتهم عندي فلا يجوز أن يكون صفة البتة، لأنك إذا قلت: مررت بقومك أو بهم ثم قلت: عامتهم، فإنما حررته على البدل كما تقول: مررت بهم بعضهم، ولا يكون صفة، لأن الصفة هي الأول وعامتهم إنما هو بعضهم، ولا يوصف الشيء ببعضه.
قال أحمد: عامتهم مشتق من عممت الشيء، فظاهره واشتقاقه على العموم، فهو كجميعهم وكلهم، إلا [أن] منهم من يستعمله على البعض، يريد به الأكثر، وهذا على غير أصل الكلمة، وقد استعمل ذلك في (كل) تقول: جاءني كل الناس، تريد وجوههم وأكثرهم، وجاءني أهل الدنيا، وإنما تريد بعضهم، فهذا توسع في الكلام، والأصل غير ذلك، واشتقاق الكلمة يدل على خلاف ما قاله، لأنها على التعميم، وإنما تستعمل للبعض توسعا كما استعملت كل، ألا ترى إلى قول الله تبارك "وتعالى": {فسجد الملائكة كلهم أجمعون}، فذكر (أجمعون) ليزول احتمال التوسع من كل، لأن كلهم يجوز أن تكون بمعنى أكثرهم، فلما قال: أجمعون، زال هذا الاحتمال ووقعت الإحاطة على الحقيقة.
وقال محمد بن يزيد في هذه الآية: إن أجمعين إنما جيء به ليدل على أن سجود الجميع كان في وقت واحد، لأنه لما قال: فسجد الملائكة كلهم، احتمل أن يكون السجود