قد وقع في أوقات متفرقة وإن كان قد عمهم فيها، فلما قال: أجمعون، علم أن ذلك كان في وقت واحد على حال اجتماع، وليس كما ذكر، لأن أجمعين معرفة، ولا تقع في موضع الحال، ولا تكون أبدا إلا توكيدا لمعرفة، ولو أراد [الله] ذلك لقال: فسجد الملائكة كلهم مجتمعين، أي: في حال /٤٩/ اجتماع، ولو قال قائل: جاءني القوم أجمعون، لجاز أن يكون مجيئهم في وقت بعد وقت كما جاز ذلك في كلهم، والتأويل فيهما المشبه لكلام العرب هو الأول، لأن كلا قد استعملت على وجهين: على "معنى" الإحاطة، وإزالة احتمال التكثير.
[مسألة [٣٦]]
ومن ذلك قوله في باب متقدم ترجمته: هذا باب من النكرة يجري مجرى ما فيه الألف واللام من المصادر والأسماء، وذلك قولهم: سلام عليك، ولبيك وخير بين يديك، فذكر هذا في باب الابتداء فرفعه وأدخل معه لبيك، وقد ذكر أنه اسم مثنى في قول الخليل، وخطأ يونس في قوله: إنه بمنزلة عليك، وأنشد:
فلبي قلبي يدي مسور ...
ليوضح أنه مثنى، ثم ترك ذلك في إدخاله إياه في الابتداء، وكان يجب على قوله أن يكون: لباك، فيدخل الألف للرفع، والقول عندي إن لبيك مما لا يقع إلا منصوبا كما ذكر في غير هذا الباب، وذكره إياه في هذا الباب خطأ.
قال أحمد:(هذا الكلام جرى) من محمد بن يزيد مجرى السهو، ومحله في هذه الصناعة فوق ذلك، وذلك أن سيبويه ذكر في هذا الباب المصادر التي ترفع على الابتداء، وهي نكرة تجري مجرى ما فيه الألف واللام، فذكر قولهم: سلام عليك، وقولهم وخير بين