والعام قبل الخاص، هذا كقول سيبويه في موضع آخر: إن المعرفة بعد النكرة، وهو معنى قوله في كم.
فلو فسرنا لنا محمد معنى قول سيبويه: إن كم هو الأول لاستغنى عن ذكر العلة التي أتى بها، وكم إنما هي للعدد والمقادير، والعدد معنى في نفس الشيء المعدود، وزمانه غيره، فهي في الرتبة الأولى.
وأما قوله: إن الأزمنة أسماء أيام وليال فلذلك دخلت عليها كم، فنحن نوجده من الأزمنة ما لا ينقسم في تسمية العرب إلى أوقات وكم داخلة عليه، وذلك قولك: كم سرت؟ فتقول: الساعة، والساعة عند العرب /٣٤ أقل الأوقات في التسمية، وليست تجزئها إلى أقل منها بأسماء كما تجزئ اليوم بالساعات والشهر وبالأيام والسنة بالشهور، ولذلك لا يجوز أن يقول القائل: لقيته من الساعة كما يقول: لقيته من اليوم، لأنه إذا قال: لقيته من اليوم، فإنما يريد من أول ساعة في اليوم إلى الوقت الذي فيه هذا القول، لأن اليوم يجزأ إلى الساعات، ولما لم تكن الساعة تجري عندهم هذا المجرى لم يجيزوا فيها هذا القول، فأما ما يذهب إليه أهل التنجيم من تقسيم الساعة إلى دقائق معلومة فإن العرب لا تذهب فيها إلى ذلك المذهب، وإنما تضعها على أقل الأوقات منها، ولو ذهبت في الساعة إلى مذهبهم لجعلت للجزء منها اسما كما جعلت للجزء من اليوم اسما.
[مسألة [٢٤]]
ومن ذلك: زعم سيبويه في هذا الباب أنه يقال: مما سمع من العرب الفصحاء متى سير عليه؟ فيقال: الصيف، كما قال: