قال: أجروه على جواب متى، لأنه لم يرد العدد وجواب كم، ولو أراد جواب كم لم يكن "له" مانع من أن يقال: كم سرت؟ فتقول: الصيف، إذ كان ذلك يجمع أياما كما كان الشهر، وقد أجازه سيبويه في البيت الذي ذكرناه، قال:
فقصرن الشتاء بعد عليه ... .............................
يجوز أن يكون جوابا لمتى ولكم.
قال أبو العباس أحمد: هذا الفصل الذي حكاه محمد عن سيبويه قد غير منه شيئين: اللفظ والترتيب، ولفظ سيبويه على غير ما قال: وذلك أنه قال في هذه المسألة: (وسمعنا العرب الفصحاء يقولون: انطلقت الصيف، أجروه على جواب متى، لأنه أراد أن يقول: في ذلك الوقت، ولم يرد العدد وجواب كم) وأنشد:
فقصرن الشتاء بعد عليه ... ..................
بعد هذا، وذكر أنه يجوز على كم وعلى متى ظرفين، فذكر المسألة الأولى بلفظ انطلقت وغيرها محمد إلى سير، وبين اللفظين فرق في المعنى، ومع ذلك فلم يمنع سيبويه من إجازتها على كم، وإنما ذكر أن المتكلم من العرب أراد جواب متى، وهو بمعنى الكلمة أشبه، /٣٥/ لأن كم جوابها يستوعب الوقت كله بالانطلاق، ولذلك عدل محمد عنها إلى سير، لأن السير يحسن معه استيعاب هذا الزمان ولا يحسن مع الانطلاق إلا على استكراه وخروج عن العرب في القول. ألا ترى أنك لو قلت: سقط زيد عن دابته الصيف، لم يكن إلا على جواب متى، هذا المتعارف فيه، فإن استكرهت الكلام وأردت أنه لم يزل يسقط في جميع أوقات الصيف كلها كان على هذا.
وأما البيت فهو على كم وعلى متى منساغ حسن، لأنك لو قلت: أقمت الصيف كقولك: قصرن الصيف، لحسن أن يكون أقمت الصيف كله فيكون ذلك على جواب