للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد من يتكل عليه.

قال محمد: وهذا خلاف ما ذكر، لأن (على) الأولى الزائدة لا معنى لها، وهذا أيضا إنما يجوز في الموضع الذي تذكر فيه حروف الجر مرة فيكتفي به ويستغنى في الفعل الآخر، عن إعادته نحو: بمن تمرر أمرر، ولكن معنى هذا إن لم يجد يوما شيئا فحذف المفعول ثم قال مستفهما: على من يتكل وهذا قول الفراء.

قال أحمد: إنما احتبس على محمد المعنى في هذا الشعر، من جهة أن الفعلين مختلفا اللفظ، وهما يعتمل من البيت الأول، ويتكل من الثاني، وكلاهما يصل إلى المفعول بـ (على)، فالمعنى: إن الكريم يعتمل على من يتكل عليه إن لم يجد، فـ (على) الأولى متعلقة بيعتمل، والثانية المحذوفة بيتكل، كأنه قال: إن الكريم يكتسب على من يتكل عليه، ويعتمل على من يتكل عليه إذا لم يجد، أي: إذا كان غير واجد أي: غير مستغن، اعتمل على أهله ومن يتكل عليه، وكانت المسألة بفعلين من لفظ واحد فكان الكلام فيها أبين، وسواء كان الفعلان من لفظين أو لفظ واحد، ألا ترى أنك لو قلت: أنزل على من أتكل، تريد أنزل على من أتكل عليه، كان جائزا: كما تقول: أنزل على /١٠٤/ من تنزل، وأمر بمن تمر سواء، وكذلك لو قلت: اقصد إلى من تذهب، تريد إليه، جاز، والشعر والمسألة سواء لا فرق بينهما غير اختلاف لفظ الفعلين، وإنما يمتنع مثل هذا إذا كان فعلا واحد كقولك: بزيد مررت به، فهذا قبيح لأنك تستغني بالباء الواحدة عن الأخرى، فأما إذا كانا فعلين فالأجود أن تأتي بالحرفين، وإن حذفت أحدهما جاز إذا كانا مثلين.

فأما قول الفراء فضعيف لأنه إن جعل الثاني منقطعا من الأول وجعل كل واحد

<<  <   >  >>