الجواب من المأمور إذا انطاع لأمرك أن يقول: أنا أفعل، وإذا نهيت عن شيء كقولك: لا تفعل، فالجواب عن ذلك، أن يقول: لست أفعل، فجواب الأمر بالإيجاب، وجواب النهي بالنفي.
وإذا كان الأمر على ذلك نظرنا فيما أتى به سيبويه مما أنكره محمد، فقلنا: لا يخلو قوله: حذرك من أن يكون حمله على أمر يفعله أو على نهي يتركه، فإن كان حمله على الترك فهو نهي لا محالة، وهذا معنى التحذير فأما ما تأتي به العرب على لفظ الأمر وهو في معنى النهي، وعلى لفظ النهي وهو في معنى الأمر فكثير، وإنما قرب الشيء إلى حقيقة معناه، وذلك نحو قولهم: انته عن كذا، قال الله عز وجل:{انتهوا خيرا لكم}، فهذا على الحقيقة نهي وإن كان على بناء الأمر، فلا وجه لقولك: إن حذرك في معنى احذر، فهو لو قال: احذر، لكان ناهيا في المعنى.
فأما قوله: وكل أمر أمرت به فأنت في المعنى ناه عن خلافه، فليس كما قال، قد يخرج الأمر مخرج التخيير كقوله جل وعز:{وإذا حللتم فاصطادوا} ولم ينهوا عن ترك الصيد إذا أمروا بالصيد، وليس الأمر نهيا من حيث كان أمرا، ولا النهي أمرا من حيث كان نهيا، وإذا أمرنا بالشيء فإنما نعلم أنا نهينا عن خلافه باستدلال لا بنفس لفظ الأمر، ولو جاز أن يكون الأمر نهيا والنهي أمرا لكان المأمور به هو المنهي عنه والمأمور هو المنهي، هذا خطأ.
وأما قوله: والوجه الآخر، أن هذا الباب إنما وضع لما لم يؤخذ من أمثلة الفعل، وحذرك مأخوذ من احذرن فهو خارج عن أمثلة الفعل، فلس كما ظن، لأن سيبويه قال في ترجمة هذا الباب: هذا باب سمي الفعل فيه بأسماء مضافة ليست من أمثلة الفعل، وحذرك ليست من أمثلة الفعل، لأن أمثلة الفعل في الأمر والنهي افعل ولا تفعل وما كان في معناها من سائر أبنية الفعل، والباب الذي قبله ترجمته كما ذكر محمد، وليس من هذا الذي /٣٧/ رده، لأنه قال في الباب الأول: هذا باب من الفعل سمي الفعل فيه بأسماء لم تؤخذ من