قال أحمد: ذكر محمد في هذه المسألة أشياء منها ما وافق نص سيبويه، ومنها ما خالف نصه، حملها على ظنه وتأويله، فمنها قوله: إن سيبويه إلى أن ما ذكره علة لترك إظهار الفعل، وليس هذا نصه ولا قوله ولا جعل ذلك علة لتركهم الإظهار، غير أنه وجد الفعل متروكا في كلام العرب /٤٢/، وهذه المسألة ونحوها مع أشياء خاصة إذا زادوها يحكى ما سمع من العرب، ولو كان زائدا عليه ولا طاعنا على قوله بحقيقة لا رادا إظهار الفعل مع (أما) في شيء من كلام العرب إما في شعر أو مثل، فأما أن يأتي برأيه وقياسه فهذا لا يعد على أحد أن يأتي بمثله طاعنا "بذلك" على أمثال العرب وشواذ كلامها وما ليس بشاذ أيضا، وإنما ذهب سيبويه إلى أن الفعل لا يظهر مع (ما) إذا زيدت على (أن) المفتوحة، لا تقول العرب: أما كنت منطلقا انطلقت بالفتح، فأما ما جاء به محمد من إظهار الفعل مع إسقاط (ما) فليس هو الذي أراد سيبويه.
وإما قوله: إنه لو امتنع شيء لدخول "ما" لكان ذلك فيما فيه حرف الجر، فإذا كانت (ما) عنده لا تمنع من دخول الفعل ها هنا، فهلا أدخلها مع (ما) في نظائر هذه المسألة، فأدخلها مع قولهم: افعل ذلك إما لا، فيقول على افعل ذلك، إما كنت لا تفعل غيره، لأن معناه افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره، ولا فرق في المسألتين، لأن الفعل حذف مع (إن) في (إما لا) وجعلت (ما) عوضا، وقد التزم هذا محمد ولم يطعن عليه بشيء، والقياس بوجب إظهار الفعل، فإن كان يحمل الباب على القياس ويترك ما سمع من العرب فليظهر الفعل مع (إما) المكسورة التي للجواب، فتقول: إما تأتني آتك، وإن تأتني آتك، وحذفت الفعل في هذا الكلام، أعني قولهم: إما لا، ولم تظهره وألزمت الكلام العوض فكان هذا أولى بالرد إلى القياس، لان العرب قد حذفت منه (ما) في أكثر كلامها، أعني في باب الجزاء، إلا أن سيبويه لما أظهر الفعل بعدها كسرها وحملها على المجازاة فقال: إما كنت